لما طفلك يبطل يسمع الكلام: هل هو عنيد ولا في مشكلة أعمق؟
لما طفلك يبطل يسمع الكلام: هل هو عنيد ولا في مشكلة أعمق؟
كل أم تقريبا مرت بلحظة بصوت عالي، بتقول فيها: “أنا مش عارفة أتعامل معاه… ما بيسمعش الكلام خالص!” ومع كل مرة تكرري فيها الجملة دي، قلبك بيضرب أسرع، ودماغك بيلف حواليه مليون فكرة: “هو بيتمرد؟ أنا غلطت في تربيته؟ هو مش بيحبني؟ ولا أنا اللي مش عارفة أحتويه؟”
في المقال ده، مش بس هنفكك معنى “العناد”، لكن كمان هندخل في أعماق مشاعر طفلك اللي ممكن تكون سبب إنه مش بيسمعك. وهنقدملك خطوات واضحة للتعامل مع الموقف من غير صريخ، ولا تهديد، ولا إحساس بالهزيمة بس الأهم، إننا هنشوف مع بعض: إمتى الطفل بيكون “عنيد” فعلاً، وإمتى بيكون بس “مش قادر يعبر”.
هل عناد الطفل دايمًا عناد؟ ولا ممكن يكون نداء طلب للحب
أول حاجة لازم نسأل نفسنا عنها هي: إيه المقصود بكلمة “عنيد”؟
هل الطفل اللي بيرفض يلبس هدومه في وقت معين، أو اللي بيقول “لأ” على طول، أو اللي ما بيعملش اللي بنطلبه فورًا… هل ده طفل عنيد بالمعنى اللي إحنا فاهمينه؟
ولا ممكن يكون بيجرب “سلطته”، أو بيدافع عن نفسه، أو حتى بيعبر عن استيائه من شيء مش عاجبه بس مش عارف يقوله غير بـ “رفض”؟
الطفل من عمر سنتين بيبدأ يعرف إن له إرادة مستقلة. هو مش نسخة مصغرة منك، ولا مخلوق المفروض ينفذ الأوامر من غير نقاش.
فلو طلبتي منه يلبس جزمة معينة وهو عايز التانية، ورفضتي، الطبيعي جدًا إنه يعند. مش علشان هو “مُتعب”، لكن لأنه بيجرب يقول “أنا موجود، وليا رأيي”.
والمفروض هنا مش نكسر إرادته، لكن نسمعه ونفهم هو عايز إيه وليه، حتى لو هنوجهه بعد كده.
طفلك مش آلة بتنفذ: عناد الطفل أحيانا بيبقى طريقته في الدفاع عن نفسه
تعالي نتكلم بصراحة: لو انتي حسيتي إن في حد دايمًا بيأمرك، يزعقلك، يقارن بينك وبين غيرك، ويقولك تعملي إيه وإمتى … مش هتكرهي التواصل معاه؟ نفس الشيء بيحصل مع الأطفال.
لو ابنك حاسس إنك دايما بتوجهيه، ومش بتسيبيه يختار، أو إنك بتهدديه لو ما نفذش، أو بتعلقي على كل تصرف يعمله… فمع الوقت بيبني جواه حائط رفض.
بيقاوم مش علشان هو “مش مؤدب”، لكن علشان حس إن مفيش حوار، مفيش تفاهم، مفيش مساحة يعبر فيها.
العناد في الحالة دي هو سترته الواقية، سلاحه ضد التسلط. وكل ما نضغط عليه، كل ما يزيد.
علامات تقولك إن طفلك مش عنيد… لكنه متضايق ومش عارف يعبر
في فرق كبير بين الطفل اللي بيرفض حاجة وبيشرح ليه، وبين الطفل اللي بيرفض كل حاجة بسكوت، بعياط، أو بصريخ.
لو ابنك فجأة بقى يرفض كل حاجة، حتى الحاجات اللي بيحبها، يبقى فيه شيء محتاج يتقال ومش قادر يوصله.
أمثلة لعلامات مهمة:
بيرفض يسمع كلامك فجأة بعد ما كان بيسمع؟
ده معناه إن حصل حاجة مأثرة على ثقته فيك أو في نفسه.
بيرفض يعمل حاجات سهلة؟ زي يلبس هدومه، يلم لعبه، يروح المدرسة؟
ده مش كسل، ده ممكن يكون توتر داخلي أو حتى اكتئاب بسيط مش ظاهر.
بيرد عليك بجُمل زي “مش بحبك”، “سيبيني في حالي”؟
هنا مفيش عناد، هنا في وجع محتاج يتفهم.
الفرق بين العناد الطبيعي والتحدي اللي محتاج تدخل
لازم نكون واقعيين: مش كل رفض من الطفل يبقى شيء طبيعي بسيط. في أوقات بيكون الرفض مستمر، عنيف، مفيهوش أي مرونة، وبيأثر على حياته اليومية.
ساعتها لازم نشوف هل في مشكلة سلوكية محتاجة تدخل، أو في مشكلة نفسية بتخليه في حالة تحدي مستمر؟
أمثلة على سلوكيات تستدعي تدخل متخصص:
الطفل ما بيسمعش أي حد غيره.
بيرفض سلطة المدرسة والأهل.
بيعاند بشكل مؤذي (يضرب، يكسر).
بينكر الواقع أو يرفض الاعتراف بالحقيقة حتى لو واضحة.
بيمارس سيطرة على كل من حوله لدرجة مرهقة.
في الحالات دي، مش بس لازم نتعامل بحكمة، لكن كمان نطلب استشارة متخصص في تعديل السلوك أو الدعم النفسي للطفل.
إزاي تتعاملي مع طفل “مش بيسمع الكلام”؟
1. اختاري المشاكل الي تستحق انك توجهي طفلك فيها
مش كل حاجة تستاهل شد وجذب. لو رفض يلبس التيشيرت الأزرق وعايز الأحمر، سيبيه.
ركزي على الحاجات المهمة: الأمان، الاحترام، الصحة. والباقي سبيه يختار فيه.
2. اديله اختيارات بدل أوامر
بدل ما تقولي له “يلا دلوقتي هتلبس بسرعة”، جربي تقولي “تحب تلبس البنطلون الأول ولا التيشيرت؟”
الطفل لما يحس إنه عنده اختيار، بيكون أكثر تعاونًا.
3. اتكلمي من القلب، مش من فوق
بدل ما تقولي “أنا قلتلك تعمل كده”، جربي تقولي “أنا محتاجة تساعدني علشان نخلص بسرعة، تعال نشتغل مع بعض”.
العلاقة بينكم مش عسكرية، دي علاقة حب.
4. اثبتي وقت الجد، واهدي وقت التوتر
لما يقولك “مش هعمل كده”، ما تعليش صوتك، ولا تعاقبيه فورا.
خدي نفس، وقولي له بهدوء: “أنا شايفة إنك مضايق، بس مش هنقدر نكمل كده. تحب نهدى شوية ونتكلم بعدين؟”
ابنك مش ضدك… هو محتاجك تفهميه أكتر
الطفل اللي “ما بيسمعش الكلام” مش بيحاربك، هو بس مش لاقي طريقة يقولك إنه محتاج احتواء، مساحة، أمان.
فبدل ما ندخل معاه في معركة إرادات، ندخل معاه في حوار حقيقي ، نسمعه، ونقرب منه، ونفهمه قبل ما نحكم عليه.
مش معنى إنك “سكتيله” يبقى انتي “ضعيفة” ولا معنى إنك “قويتي عليه” إنك كسبتي المكسب الحقيقي هو لما علاقتكم تفضل سليمة، حتى وقت الخلاف.
اقري عن : هل طفلي محتاج أخصائي نفسي؟ علامات ماينفعش تتجاهليها